قبل الحمل... وبعده؟
إن الجنين يحصل على غذائه من الأم مباشرة ، ومن خلال الحبل السري الذي هو نهاية لكتلة معقدة ومتشابكة من الأوعية الدموية تسمى " المشيمة "..
وهذه المشيمة والتي يكتمل نموها هي الأخرى عند نهاية الشهر الثالث من الحمل ، تكون هذه المشيمة ملتصقة بجدار الرحم.. ومن خلال تيار الدم يحصل الجنين على احتياجاته من الغذاء اللازم لنموه وتطوره ..
وعندما تقصر الأم في تناول الغذاء الصحي واللازم لها فإن الجنين لا يجد أمامه ما يحتاجه من مواد غذائية هامة لنموه ، وهنا لا يتردد الجنين في الحصول على احتياجاته من جسم الأم نفسها أو بمعنى آخر من المخزون في جسمها
من هنا تكون لفترة ما قبل الحمل مباشرة أهميتها ..
لان الجنين - كما قلنا - سوف يحصل على احتياجاته من المخزون لدى الأم خاصة ما يحتاجه من الحديد والكالسيوم .. ومن الغريب أن نقول أنه عندما يكون رصيد الأم قليل من هذه المواد الغذائية الهامة فان الجنين يحصل على ما يحتاجه تاركا الأم فريسة للأنيميا والضعف وتخلخل الأسنان …
إن الأمر يبدو كما لو كانت هناك أفضلية للطفل للحصول على ما يحتاجه من مواد لازمة لنموه وتطوره في بطن الأم ، حتى ولو تجاوزت هذه الأفضلية صحة الأم نفسها ..إنه حقيقة أمر يدعو للدهشة أن يكون لذلك الضيف الجديد كل هذا الاستثناء والمحاباة
ولكن ما ذا يحدث إذا لم تهتم الأم بغذائها وصحتها في الأشهر الأولى من الحمل ، بل فلنقل وما قبل الحمل مباشرة ؟..
كما رأينا فإنه بالإضافة إلى الضعف والإعياء الذي سوف يصيب الأم فإن الطفل نفسه قد يولد مبكرا عن موعد ولادته أو يكون ناقصا في وزنه أو يكون معرضا للعدوى عند ولادته ولعلنا بعد ذلك نستطيع أن نؤكد أن الأطفال الذين يولدون في مجتمعات متقدمة يكونون أكثر صحة وذكاء من الأطفال الذين يولدون في مجتمعات نامية أو متخلفة ..ولعل الفرق الوحيد يكمن في كلمة واحدة …الغذاء
إذن ما هو الغذاء المناسب لي في فترة الحمل ؟
كما قلنا فإن الفترة الأولى من الحمل وهي التي تبلغ الثلاثة أشهر يكون نمو الجنين فيها سريعا وتطوره يبلغ أكمله - تقريبا - في نهاية هذه الفترة ..ومن المصادفات الغير سعيدة أن الأم الحامل تلقى في هذه الفترة متاعب الحمل المعروفة من قيئ وقلة الشهية للطعام والصداع ووجع الظهر ..
وكل هذه الأعراض قد تدفع الحامل لعدم الإقبال على الطعام .. فالأمر إذن كما لو كان معادلة صعبة .. ما يهم هنا هو كمية ما تتناوله الحامل من طعام ؟ .. هذا بالطبع لا صحة له على الإطلاق .
.فالمهم هنا هو تنوع ما تأكله الحامل وتوازنه ..ثم كيفية تناول هذا الغذاء غير أننا نحب أن نقول - بداية - أن الفكرة التي يجب أن تستقر لدى الحامل أنها لا تأكل لفرد واحد بل لاثنين ..وإن صحة وليدها بل ومستقبله كله متوقف على ما تمده به من غذاء في بطنها
والآن نحدد أربعة نصائح هامة تبين ملامح ما يجب أن تتناوله الحامل بصفة عامة
يجب شراء الخضروات والفواكه طازجة ما أمكن . وتتناول الحامل الفواكه بكثرة لغناها بالفيتامينات والأملاح والأحماض الضرورية
تناول هذه الخضروات والفواكه فور شراؤها وعدم تركها في الثلاجة فترة ثم تناولها بعد ذلك
تناول الخضروات دون طهيها طهيا كاملا وباستعمال القليل من الماء ..وتناول اللبن ومنتجاته من الجبن والزبادي .
تناول الحبوب مثل الغلة (البليلة ) بقشورها ، وتناول الخبز الأسمر أكثر من الخبز الأبيض ..إن هذه الأغذية -خاصة ما يحتوي منها على قشور - تحتوي على فيتامين "ب" المركب وغيره من المواد المنشطة والهامة لتطور الجنين ونموه
أن الحامل يجب أن تتناول يوميا خضروات وفواكه طازجة ما أمكن ذلك ، مع أحد منتجات الألبان إضافة إلى تناول بروتين حيواني سواء كان لحوم أو أسماك أو بيض، وهكذا كلما تناولت الحامل طعاما طازجا طبيعيا ناضجا شهيا ، كلما حفظت لنفسها ولجنينها الصحة والسعادة
من الضروري - إذن - أن تتناول المرأة الحامل يوميا من كل هذه المجموعات الأربعة . فمثلا يمكن أن تتناول قطعة من اللحم أو السمك ( حوالي 150 جرام في اليوم ) مع الخبز الأسمر وتشرب كوب من اللبن مع سلطة خضراء أو ثمرتين من الطماطم أو البرتقال أو تفاحة ..هذا على سبيل المثال
ولا نقول بالطبع أن هذه الأغذية تؤكل في وجبة واحدة ولكن يحدث التنوع على مدار اليوم كله بحيث أن غذاء الحامل يحتوي في النهاية على واحد أو أكثر من كل مجموعة من المجموعات الأربعة المذكورة