محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم
[size=18]أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم من قبيلة قريش من نسل عدنان ونسب رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصل إلى إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، النبي العربي الأمي خاتم الأنبياء والمرسلين أرسله الله للعالم كله، وشريعته ناسخة لكل الشرائع السابقة، أيده الله بالمعجزات والوحي وأكبر معجزاته القرآن الكريم، وكانت ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمكة عام الفيل وهو العام الذي حدثت فيه حادثة أصحاب الفيل، الموافق سنة 571 م، وكان رضاعه صلى الله عليه وسلّم في بادية بني سعد أرضعته حليمة السعدية وخلال وجوده في بني سعد كانت حادثة شق الصدر لرسول الله صلى الله عليه وسلّم،
ثم رجع إلى أمه آمنة بنت وهب حتى ماتت وعمره ست سنين فكفله جده عبد المطلب ومات جده بعد سنتين فكفله عمه أبو طالب وأثناء كفالة أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم سافر معه إلى الشام في تجارة فرآه الراهب بحيري فبشَّر به عمه وحذره اليهود وعمل عليه الصلاة والسلام برعاية الغنم وشهد حلف الفضول وكان صاحب أخلاق كريمة حتى سماه قومه بالصادق الأمين، وكان زواج النبي صلى الله عليه وسلّم بخديجة بنت خويلد عندما بلغ الخامسة والعشرين من عمره،
وشارك عليه الصلاة والسلام ببناء الكعبة ووضع الحجر الأسود، وحببت إليه الخلوة للعبادة والتفكر فكان يقضي شهراً في غار حراء يتعبد ويتفكر ثم بدىء بالرؤيا الصادقة ولما بلغ الأربعين كان ابتداء الوحي أثناء اختلاء النبي صلى الله عليه وسلّم في غار حراء وشرع يدعو الناس من حوله سراً إلى الإسلام فآمن به البعض واستمرت دعوة النبي صلى الله عليه وسلّم السرية قرابة الثلاث سنوات كانوا يجتمعون خلالها في دار الأرقم ثم أعلن الدعوة. بدأت بذلك مرحلة الجهر بالدعوة فدعا للإسلام ونبذ الأوثان والخرافات ولكن قريش هزأت به وآذته فصبر وحماه عمه أبو طالب حتى مات،
وأسري به إلى بيت المقدس ثم عرج به جسداً وروحاً إلى السماوات السبع وسميت هذه الرحلة بـ الاسراء والمعراج، ثم بدأ صلى الله عليه وسلّم يعرض نفسه على القبائل في مواسم الحج لينصروا دينه، فأسلم بمكة ستة من الأوس والخزرج من أهل المدينة وعادوا إليها، فلم يلبث أن جاءه منها اثنا عشر رجلاً فآمنوا به وبايعوه بيعة العقبة الأولى، فبعث معهم مصعب بن عمير ليعلمهم شرائع الإسلام والقرآن فلم يمض غير قليل حتى انتشر الإسلام في المدينة ووفد على النبي صلى الله عليه وسلّم جمعٌ من أهلها فدعوه وأصحابه إلى الهجرة إليهم وعاهدوه على الدفاع عنه وبايعوه بيعة العقبة الثانية فأجاب دعوتهم وأمر أصحابه بالخروج من مكة ثم لحقهم وبلغ قريشاً خبرُ الهجرة إلى المدينة
فتبعوا النبي صلى الله عليه وسلّم ليقتلوه فنجا ودخل المدينة وبنى فيها مسجده وفي سنة دخوله صلى الله عليه وسلّم الى المدينة يبتدأ التاريخ الهجري وكان ذلك سنة 622 م ولم يتركه مشركو قريش آمناً في دار هجرته بل كانوا يقصدونه لقتاله فيها حتى نزلت آيات الإذن بالحرب وكانت الآيات تنزل قبلها آمرةً بالصبر وكانت المعركة الأولى بينه وبين المشركين في غزوة بدر بجوار المدينة في رمضان من السنة الثانية للهجرة، وفي السنة الثالثة كانت غزوة أحد في الجبل المشرف على المدينة وكانت حادثة يوم الرجيع، وفي الرابعة غزوة ذات الرقاع وبدر الثانية وحادثة بئر معونة، وفي السنة الخامسة غزوة الخندق وغزوة بني قريظة وغزوة بني المصطلق،
وفي السادسة عزوة ذي قرد وصلح الحديبية وبيعة الرضوان وفيها بعث النبي صلى الله عليه وسلّم الرسل إلى كسرى وقيصر والنجاشي وغيرهم من عظماء الملوك كالمقوقس بمصر والحارث الغساني بالشام يدعوهم إلى الإسلام، وفي السنة السابعة كانت غزوة يهود خيبر وعمرة القضاء، وفي الثامنة غزوة مؤتة وغزوة حنين وفتح مكة وكانت معقل المشركين من قريش وغيرهم وفي التاسعة غزوة تبوك وكان النصر في أكثر هذه الوقائع للمسلمين،
وفي العاشرة أقبلت وفود العرب قاطبة على النبي صلى الله عليه وسلّم وهو بالمدينة وبعث علي بن أبي طالب إلى اليمن فأسلمت همدان كلها وتتابع أهل اليمن وملوك حمير على الإسلام وحج أبو بكر بالناس في السنة التاسعة وحج رسول الله صلى الله عليه وسلّم حجة الوداع سنة 10 هـ وكانت خطبته فيها وهو على ناقته من أطول خطبه وأكثرهن استيعاباً لأمور الدنيا والدين وفي أواخر صفر سنة 11 هـ بعث النبي صلى الله عليه وسلّم أسامة بن زيد على رأس جيش إلى الشام ولكن الجيش توقف عندما مرض النبي صلى الله عليه وسلّم وكانت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم في 12 ربيع الأول عام 11 هـ حيث دفن في مرقده الشريف بالمدينة المنورة.
الهجرة إلى المدينة:
بعد بيعة العقبة الثانية مع السبعين رجلاً طابت نفس رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقد جعل الله له منعةً وقوماً يحمونه، وبدأ إيذاء المشركين للمسلمين يشتد فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم واستأذنوه في الهجرة فأذن لهم بالهجرة إلى يثرب فجعل المسلمون يهاجرون سراً وينزلون عند الأنصار في المدينة فآواهم الأنصار ونصروهم، وكل المسلمين خرجوا خفية إلا سيدنا عمر بن الخطاب خرج جهاراً نهاراً وعلمت قريش بهذا فغضبت كثيراً وأدركوا أن مركز قوة المسلمين قد أصبح خارج مكة فدبروا مؤامرة لقتل رسول الله قبل خروجه من مكة
فجمعوا أربعين شاباً قوياً كل شاب من قبيلة لقتله عند خروجه من بيته وذلك كي يذهب دمه هدراً بين القبائل وضربوا لذلك موعداً معلوماً فأتى جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم يأمره بالهجرة وينهاه أن ينام في مضجعه تلك الليلة، فانطلق رسول الله إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه يأمره أن يتخلف بعده بمكة كي يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم الودائع التي كانت عند رسول الله للناس (فقد كانوا يستودعون عنده ما يخشون عليه لما يعلمون من أمانته وصدقه)
وخرج من بيته وإذا بالشباب الذين يتربصون به تأخذهم سنة من النوم وهاجر مع الصديق أبو بكر وانطلق المشركون يبحثون عنه لقتله صلى الله عليه وسلّم ولكن الله عز وجل حماه من كيدهم حتى وصل إلى قباء واستقبله من فيها وأقام هناك بضعة أيام وأسس مسجد قباء وهو الذي قال الله فيه (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه) وأدركه علي رضي الله عنه بعد أن أدى الودائع إلى أصحابها ثم واصل النبي صلى الله عليه وسلّم سيره إلى المدينة واستقبله أهلها ونزل عند سيدنا أبي أيوب ثم أسس المسجد (مسجد المدينة المنورة المسجد النبوي المعروف)
وآخى بين المهاجرين (المسلمون الذي هاجروا من مكة) والأنصار (المسلمون سكان المدينة (يثرب)) فيقتسم كل أنصاري أملاكه مع أخيه المهاجر وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وثيقة حدد فيها نظام حياة المسلمين فيما بينهم وأوضحت علاقتهم مع غيرهم بصورة عامة واليهود بصورة خاصة.
غزوة بدر الكبرى:
وهي أول غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسببها أن النبي صلى الله عليه وسلّم سمع بقافلة لقريش قادمة من الشام بإشراف أبي سفيان بن حرب فحض المسلمين إليها ليأخذوها لقاء ما تركوا من أموال في مكة عند الهجرة منها وعرف أبو سفيان الأمر فأرسل إلى قريش وهرب بالقافلة مسرعاً فتجهزت قريش بسرعة وخرجوا قاصدين الغزو وخرج معظم أشراف قريش وكانوا قريباً من ألف مقاتل وعدد المسلمين ثلاث مئة وأربعة عشر رجلاً لأنهم لم يتوقعوا قتالاً ثم وصل خبر خروج قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فاستشار أصحابه فوافقوا على القتال ونزلوا في مكان قريب من آبار بدر فأشار أحد الصحابة على النبي
صلى الله عليه وسلّم بتغيير المكان إلى آبار بدر كي يشربوا منها ولا يستفيد منها العدو فوافق النبي صلى الله عليه وسلّم وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يطمئن أصحابه بتأييد الله ونصره حتى أنه كان يعين مصارع المشركين فيقول هذا مصرع فلان... وراح يجأر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالدعاء والمسلمون كذلك وفي صبيحة يوم الجمعة في السنة الثانية من الهجرة في رمضان بدأ القتال وأيد الله المؤمنين بالملائكة وانتهت المعركة بنصر كبير للمسلمين وقتل في تلك المعركة سبعون من صناديد قريش وأسر سبعون واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلاً واستشار النبي صلى الله عليه وسلّم أصحابه في شأن الأسرى فكان رأي أبي بكر الفداء ورأي عمر القتل فأخذ النبي برأي أبي بكر فنزل القرآن معاتباً ومؤيداً لرأي عمر رضي الله عنه.
الهجرة إلى الحبشة