النبي يرى في كل صورة
ذكر العلماء- رحمهم الله- عند الحديث عن أحكام رؤى النبي صلى الله عليه وسلم مسألة.. هل يشترط في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم أن يرى في صورته صلى الله عليه وسلم, وبأوصافه التي وصفه بها أصحابه, أم أنه قد يرى في المنام بصورة مخالفة , وبأوصاف مغايرة؟, وقد انقسم العلماء في هذه المسألة الى فريقين:
الرأي الأول – يقول أصحابه: لا بد أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم بصورته التي كان عليها في الدنيا, وبكامل أوصافه.
وبالغ بعضهم فقال: لا بد أن يرى في صورته التي مات صلى الله عليه وسلم عليها, وزاد البعض فقال: لا بد أن يرى في النبي الشيب الذي كان موجودا في شعره صلى الله عليه وسلم وبنفس العدد.
ومن أصحاب هذا الرأي عبد الله بن عباس رضي الله عنه, فقد قال عاصم بن كليب:حدثني أبي قال:قلت لابن عباس رضي الله عنه:رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام, فقال:صفه لي, قال: فذكرت الحسن بن علي, فشبهته به, فقال:قد رأيته .
ومنهم أيضا الإمام ابن سيرين, فإنه صح عنه أنه كان إذا قصت عليه رؤيا قال للرائي: صف لي الذي رأيته, فإن وصف له صفة لم يعرفها, قال:"لم تره" .
الرأي الثاني- يذكر أصحاب هذا الرأي أن كل من رأى النبي صلى الله عاليه وسلم في المنام, سواء أخبر في المنام أن المرئي هو النبي صلى الله عليه وسلم, أو غلب على ظنه أنه النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يخبر, قد رآه حقيقة, سواء رآه على صفاته المذكورة في الكتب أم لا, على هيئته أو على هيئة غيرها, وقد استدلوا على هذا بأمور, منها قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من رآني فقد رأى الحق" .
قال الإمام ابن حجر – رحمه الله-:"والذي يظهر لي أن المراد: من رآني في المنام على اي صفة كانت, فليستبشر ويعلم أنه رأى رؤيا الحق, التي هي من الله, لا الباطل الذي هو الحل, فإن االشيطان لا يتمثل بي" .
وقال الإمام النووي-رحمه الله- :"بل الصحيح أنه يراه صلى الله عليه وسلم حقيقة, سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها".
وقال القاضي عياض –رحمه الله-:" قال بعض العلماء: خص الله النبي صلى الله عليه وسلم بأن رؤية الناس إياه صحيحة, وكلها صدق, ومنع الشيطان أن يتصور في خلقته, لئلا يكذب على لسانه في النوم" .
والرأي الثاني .. هذا هو الأقوى والارجح, والذي عليه جماهير العلماء من المتقدمين والمتأخرين, لثبوت أدلته وتوفيرها, فالنبي صلى الله عليه وسلم يرى في كل صورة, بشكله الموجود في الكتب, أو في صورة أخرى, كما ذكر ابن حجر, والنووي, والقاضي عياض, والقرطبي, وأبو بكر بن العربي, وغيرهم.