الكأس بارتفاع 14 بوصة، وهو مسبوك من الذهب والفضة، وقد أخذته إيطاليا، منذ فوزها المفاجئ به في يوليو/تموز الماضي، في جولة لأشهر مدن الأندية الإيطالية ليمتع المشجعون أعينهم من بريقه.
كابتن الفريق الإيطالي فابيو كانافارو يقبل الكأس
ولكن الكأس، محط أنظار عشاق اللعبة الذهبية في العالم كله، وجد الآن طريقه إلى "كابو دورلاندو"، تلك البلدة الصغيرة على الساحل الشمالي لجزيرة صقلية.
يبلغ تعداد سكان البلدة نحو 12 ألفا، ولكن لأن هذه هي إيطاليا فقد تحولت البلدة الصغيرة إلى شيء آخر بين عشية وضحاها إذ زارها الكأس.
فقد تدفق المعجبون للوقوف طوابير لاقتناص بضع دقائق ثمينة لمشاهدة إكليل فوز بلادهم، كما جرى حفل موسيقي مفتوح في الميدان الرئيسي للبلدة، وشهد بعض أشهر الأسماء الإيطالية في عالم الموسيقى.
وتحولت البلدة إلى كرنفال، واستنارت سماؤها بالألعاب النارية التي اندفعت في ظلمة الليل كل ساعة تقريبا. كل هذا لنصر كروي تحقق قبل عشرة أشهر
وحتى القلة ممن لا يعنيهم كرة القدم - وهم أقل في هذا البلد عن غيره من البلدان - فقد وجدوا ضالتهم في الرواج التجاري الذي شهدته المحال والمطاعم تزامنا مع المناسبة الخاصة حيث عرضت بعض المحال لافتات التخفيضات التي تصل إلى 75%، واستمر التسوق والتريض حتى الصباح.
ويرجع الفضل في مرور الكأس بهذه البلدة الصغيرة إلى ذكاء عمدتها، إنزو سيندوني.
فعشق كرة القدم في "كابو دورلاندو" - بخلاف تقريبا كل مكان آخر في إيطاليا - لا يرقى لمصاف ما يشبه العبادةـ بل تهتم البلدة أكثر بفريقها لكرة السلة الذي أحرز مكانا متقدما في دوري الأندية الإيطالي، ثم تأتي الكرة الطائرة بعدها لتحتل المرتبة الثانية في قائمة هوايات سكان البلدة.
وحينما طلب اتحاد كرة القدم الإيطالي من البلدة استضافة دوري لكرة القدم للبراعم، لم يجد الاتحاد اهتماما كافيا باستضافة الحدث.
مجرد الرؤية، دون اللمس كانت كافية، لمعجبين مثل أنجيلو كورو
ولكن ذهن السينيور سيندوني تفتق عن هذه الفكرة: "لقد أبلغت الاتحاد أنه إذا أعطونا الكأس ليلة واحدة، فسنعطيهم المشجعين المطلوبين. وبعد المراوحة في الحديث اقتنعوا بالفكرة".
ويتابع العمدة قائلا "حينما سمعنا ذلك، قررنا أن نجعل من الليلة مهرجانا، وسميناها "ليلة المونديال".
ويعرب العمدة عن أهمية هذا الحدث في تاريخ تلك البلدة الصغيرة، قائلا "انظر إلى هذا الصبي، إنه في السابعة أو الثامنة. ولكن اسأله حينما يبلغ السبعين أو الثمانين ستجده يقول لك 'يوما ما كنت هنا إلى جانب الكأس'. سنتذكر جميعا تلك اللحظة ما حيينا".
وفي الطابور الممتد خارج مبنى البلدية تجمع أشخاص من مختلف الأعمار بانتظار دورهم لرؤية الكأس الذي أحيط بالزجاج ووقف ثلاثة حراس أمن لحراسته.
وبينما يقف المنتظرون في الطابور تتعالى أصوات الحديث والثرثرة، ولكن ما إن يطوفوا بالكأس في الداخل إلا ويغمرهم هدوء وكأنهم يلقون النظر على جثمان مسجى لأحد أبرز زعماء العالم.
على قاعدة الكأس المتألق باللونين الذهبي والأخضر حفرت أسماء الفريق الإيطالي الفائز، وبالتالي لا يمكن رؤيتها والكأس مستقرا على قاعدته. ومع ذلك كان الكأس، دون نجوم الفريق الإيطالي الذين لم يتواجد أي منهم في البلدة، كافيا لخطف الأنظار.
يقول أنجيلو كورو، 14 عاما، والذي رشحه أصدقاؤه مشجع كرة القدم الأبرز بينهم: "لقد كانت لحظة انفعالية شديدة بالنسبة لي. مجرد النظر إليه عبر الزجاج أمرا فريدا. إنها خبرة يمر بها المرء مرة واحدة في العمر".
وتضيف ريناتا جامبو، 16 عاما قائلة: "إنها ليلة هامة للغاية لهذه البلدة. لست من عشاق كرة القدم ولكنني ما كنت لأضيع فرصة رؤية كأس العالم".